الأربعاء، 21 يوليو 2010

إنديانا جونز ومملكة الجمجمةِ البلّوريةِ





منذ عامين تقريبا حينما سمعت أن Steven Spielberg بدأ في إخراج الجزء الرابع من سلسلة أفلامه فائقة الشهرة Indiana Jones تساءلت مندهشا : "ومن سيلعب دور البطولة ؟!" .. وحينما علمت أنه نفس بطل الأجزاء الثلاثة السابقة الممثل الأكثر شهرة في تاريخ هوليوود Harrison Ford زادت دهشتي أكثر وأكثر .. فـ (هارسون فورد) كان قد شارف على الخامسة والستين من عمره تقريبا حين بدأ (ستيفن) تصوير الفيلم ، فكيف يمكنه أداء دور (إنديانا جونز) كما عودنا في الأجزاء السابقة .. وهو كما يعلم عشاق السلسلة بطل مغامر ومستكشف رحالة ، يجيد القتال ومواجهة الأعداء ، والخروج من مآزق شديدة الخطورة ، قد يعجز عن مواجهتها شاب في عنفوان الشباب .. كما أنه فوق هذا وذاك دكتور في التاريخ القديم وطلابه في الجامعة يعرفونه مثالاً للأستاذ الرصين .. ولا يدرون شيئا عن مغامراته المذهلة .






لكني الآن وبعد مشاهدتي للجزء الرابع "إنديانا جونز ومملكة الجمجمة البلورية" تأكد لي ما شهدته سابقا من براعة وحنكة (سبيلبرج) عبر تاريخه السينمائي الضخم .. فالفيلم بالفعل ممتع إلى درجة لا تقل عن الأجزاء التي سبقته في شيء ، برغم مرور سبعة وعشرين عاما على إنتاج الجزء الأول المعروف باسم "غزاة التابوت المفقود" .. ربما كان للبعض منكم رأي مخالف لرأيي .. ولكني دائما ما أميل لربط الجديد بالقديم حتى يزيد استمتاعي بما أشاهده من أفلام .. وهذا بالفعل ما فعله المخرج العبقري .. فالأحداث في هذا الجزء مرتبطة ارتباطا وثيقا بأحداث الجزء الأول .. والأقدم من أجزاء السلسلة .



الجمجمة البلورية .. والمملكة الأسطورية






تبدأ الأحدث الشيقة في النصف الثاني من خمسينا ت القرن العشرين ، حيث نشاهد مجموعة من عملاء المخابرات السوفيتية KGB يقتحمون مخزنا سريا للحكومة الأمريكية في منطقة إجراء الاختبارات النووية في صحراء ولاية (نيفادا) .. وقد اصطحبوا معهم بالقوة اثنين من الأمريكان احدهما هو (إنديانا جونز) نفسه ، وقد تقدم به العمر وصار شيخا في الستين كما يبدو ، والآخر صديقا له نعرف أنهما خاضا معا من قبل مغامرات عديدة .. وتقود مجموعة العملاء امرأة روسية شديدة المراس ، هي العقيد طبيبة (إيرينا سبالكو) ، تقوم بدورها الممثلة الجميلة Cate Blanchett ونعرف أنها مصممة على البحث عن شيء خطير وجده الأمريكان ، وسبيلها للحصول عليه هو (إنديانا) لأنه هو من قام بنقله إلى هذا المخزن منذ عشرة أعوام انقضت .. وتنجح في الحصول عليه ولكن البطل يلوذ الفرار بعد اكتشافه خيانة صديقه ، فقد فضل ذاك الصديق أن يبيع نفسه للروس ويساعدوهم في الحصول على ما يريدون .







ولكن ما نخرج به من هذا الجزء من الأحداث يطمئننا إلى أن (إنديانا) مازال يحتفظ بالكثير من لياقته وحسن تصرفه ، وأيضا خبرته أصبحت رهيبة في مواجهة مثل هذه المواقف المرعبة .. بعدها ينقلنا المخرج إلي مشهد سبيلبرجي جداً لو جاز التعبير ، وهو مشهد هروب البطل ليس فقط من أعدائه ، ولكن من انفجار نووي يحدث في منطقة الصراع ، فهي كما سبق أن أشرت منطقة الاختبارات النووية الأمريكية .

وبعد تحقيق طويل تجريه معه المخابرات الأمريكية CIA ينتهي بفصله من الجامعة شكاً منهم أنه ربما يكون هو أيضا عميلاً للسوفييت ــ فقد كانت تلك فترة التخوف الأمريكي الشديد من انتشار المد الشيوعي داخل أراضيهم ــ نرى دكتور (جونز) وقد أصابه الإحباط مما آل إليه حال بلاده التي طالما دافع عنها وخاض من أجلها المعارك ، فيقرر أن يتركها متجها إلى لندن ليعمل بالتدريس هناك .. وفي هذا الوقت يظهر (مات ويليامز) .






و(مات) هذا مراهق أمريكي صميم من مراهقي نهاية الخمسينات .. حيث موضة (ألفيس بريسلي) وجنون الروك آند رول .. يرتدي السترة الجلدية ويقود دراجة بخارية على أحدث طراز .. ويخبره (مات) أن والدته أمرته بالبحث عنه وإبلاغه أنها وصديقه الحميم دكتور (هارولد أوكسلي) عالم الآثار قد وقعا في قبضة مجموعة من الأشرار .. وأن عليه قراءة الخطاب الذي أرسله له صديقه وحل ما جاء به من ألغاز ، فربما يصل إلي ما كان يبحث عنه هذا الصديق ألا وهو مملكة (أكاتور) أو بتسمية أخرى (إلدورادو) أي مدينة الذهب .. وسوف يكون مرشده إليها جمجمة بلورية !

والجماجم البلورية من الألغاز التي حيرت العلماء حول العالم ، وقد كتب عنها العديد من الكتّاب ومنهم أستاذ (أنيس منصور) والأستاذ (راجي عنايت) .. وهنا يوظفها مؤلف الفيلم بشكل يتناسب وطبيعة (سبيلبرج) بما اشتهر عنه من حبه لإخراج أفلام الخيال العلمي .. خاصة ما يتناول منها غزاة الفضاء الخارجي أو القادمون من عالم مواز آخر .






ويبدأ (إنديانا) رحلة جديدة من الاستكشاف والمغامرة يصاحبه فيها الفتى (مات) الذي يعتقد في البداية أن من معه مجرد رجل عجوز آخر يحتاج إلى من يعتني به ويتعكز عليه ، ولكنه يفاجئ بالأسطورة التي تدعى دكتور (جونز) وكيف أن هذا الأسد العجوز لا تروعه أياً من المخاطر التي يواجهونها معا طوال أحداث الفيلم .


مفاجآت خاصة لعشاق السلسلة






يفاجئ المخرج عشاق السلسلة مفاجأة خاصة حينما يتبين لنا في منتصف الأحداث أن أم (مات ويليامز) هي نفسها (ماريون رايفنود) بطلة الجزء الأول والذي تم عرضه عام 1981 ولعبت الدور النجمة خفيفة الظل Karen Allen .. فبعد غياب 27 عاماً في عالم الواقع و عشرين عاماً فقط في عمر شخصيات الفيلم .. يعاود الحبيبان لقاءهما مرة أخرى وتتجدد بينهما قصة الحب التي تابعناها في "غزاة التابوت المفقود" .. وربما يكون الشباب قد ولى ولكن (سبيلبرج) يطبق في هذا الفيلم مقولة الشباب يبدأ بعد الستين .. خاصة وإن كان هناك مفاجأة أخرى لن أتحدث عنها ولكنها بالفعل كانت مفاجأة مضحكة وأضفت على الفيلم جو من الكوميديا والمرح .







وتتوالى الأحداث من جديد بعد هذه المفاجآت ، فتبدأ مطاردة من أمتع المطاردات في غابات الأمازون ويتبارى (إنديانا) و(مات) كل في إظهار براعته في مواجهة العميلة الشرسة دكتورة (إيرينا سبالكو) ورجالها من الـ KGB حيث يتضح لنا أنها هي المحرك الرئيسي للأحداث منذ بداية الفيلم .






ترى هل ينجح (إنديانا) في تحقيق ما عودنا عليه دائماً ويعثر على بغيته كما يفعل في كل مرة .. المملكة الأسطورية (أكاتور) .. مدينة كاملة مبينة من الذهب الخالص ؟! وما هي طبيعة الجمجمة البلورية ؟! هل هي جمجمة حقيقية لكائن غير بشري ؟! أم أنها نموذج متقن الصنع تعجز عن تقليده التكنولوجيا الحديثة برغم أنه موجود منذ آلاف السنين ؟!

والسؤال الأهم هو .. هل هناك جزء خامس للفيلم ؟!